الخميس، 26 أبريل 2012

مسرحية



كعادة كل صباح –حيث ان كل شئ اصبح عادة – وقف وسط الجموع منتظراً المشروع (الميكروباص باللهجه
 السكندريه) لينقله لمكان العمل

نفس الوجوه تستعد لرحلة الصراع من أجل البقاء
البقاء في هذه النقطه تمثل في مكان صغير في المشروع المتكدس بالنصف نيام من البشر

لاح احدهم في الافق و اقترب ليركض الناس نحوه ثم تحول الركوض لخلفه

بعد صراع مع اللكمات و الصدمات و جد نفسه داخل الهدف
جلس في المقعد الخلفي مهندما ملابسه بعد المعركة المعتادة

كان مكانه استراتيجياً لمشاهدة باقي معركة البقاء حتى اكتمل العدد
امتلأ عن أخره دون ان يستخدم السائق الدواسه التي تقع في الوسط و تدعى فرامل

رغم المعكرة لم يلم احد الاخر , هذا كان يوجه اللكمات لهذا و ذاك يوخذ الاخر في جنبه و الان يتعاونان في "لم الأجره"

 اخد الكل مكانه في المسرح و اكتفى هو بدور الجمهور

كيف تحوٌُل وجه هذا الشاب العابس لترتسم على شفتيه الابتسامة و بعد ان كان الأسد في المعركة اصبح صوته رومانسي خافت بمجرد تلقيه مكالمه ازعم انها من خطيبته لوجود الدبلة الدهب في يده اليمنى التي ارتسم فيها ايضا وشم الصليب
بجواره الشيخ العاكف على قراة الورد اليومي من القران الكريم , ماسكا المصحف بيد و الاخرى ممسكة بظهر الكرسي المجاور له باسطاً ذراعه لاستحالة وجود مكان له في محيط جسده السمين
لم يهتم أو لم يلحظ ان ذراعه يزعج هذه المرأه التي بدورها لم تلومه او تنبهه لإنشغالها بهمومها فها هي شاردة تغرغرت عيناها بالدموع .. هي أعلم بهمومها و خالقها اعلم بجلاء الهموم

ارتفاع صوت القارئ لم يمنع هذان الشابان من سماع الأغاني الشعبيه في التليفون الصيني الردئ اللي صاحبه عمل جمعيه عشان يجيبه فلازم يدوش الناس بيه

لم يكن متأكد المشاهد من كلمات الأغنيه لكن ما كان متاكد منه انها (الاغاني) شوشت على تفكير هذا الشاب ذو النظارات العريضه المنكب على قراءة  أوراق باللغه الاجنبيه فهو في طريقه للامتحان في كلية الطب في الجامعه الخاصة اللي ابوه شغال ليل نهار عشان يجيب مصاريفها

حاول التركيز عدة مرات لكن استوقفت عينيه تصرفات هذا الصبي الجالس أمامه يحاول تظبيط "المزّه"  اللي جنبه
نظر له بقرف و اشمئزاز و حاول التركيز تارة اخرى لكن فضوله اخذ نظراته تجاه المزّه التي ارتدت ثلاثة او أربعة طرح صانعة جبل فوق رأسها , من الاكيد انها الوحيدة الكاملة الاستيقاظ
لأن وضع هذه الكميه من الالوان و مساحيق التجميل (المفروض انها للتجميل في أوروبا و الدول المتقدمه)  يحتاج الى اكثر من ساعه امام المراه التي لم ترقى لتكن كمراة قصة سنووايت لا تعرف الكذب .
بالاضافه ان هذا البنطلون "السكيني" يحتاج وقت طويل عشان يدخل في الرجلين دي

لم يفهم هل كانت نظرات اعجاب أم كنظرات هذه الفتاه المختمرة التي اخذت تتمتم بكلمات الاستغفار كلما وقعت عيناها عليها رغم عن انفها لأنها تحاول عدم استنشاق كل دخان سيجارة السائق و هو الوحيد المسموح له بالتدخين رغم وجود لافته "ممنوع التدخين"

لصق اللافته عن عمد أم لا لن تعرف لأنها واحده من كثير ملصقات الحزب السياسي الديني الحائز على اغلبية البرلمان
لم تنهه اللافته عن التدخين كما لم ينهه ملصق" حق الطريق" عن السير عكس الاتجاه متعللا ان المطب اللي في السكه الطبيعيه حيكسر العفشه و دي عربية أكل عيش

على فكره السائق قرر ان الاجره زادت النهارده الصبح و اللي مش عاجبه ينزل يمشي او يركب اتوبيس الحكومه - لكن هذا ليس مجال للحديث عن العادات اليوميه-

بعد الكثير من المطبات و العديد من "على جنب يسطى" او على ايدك يا باشمهندس

صاح الباشمهندس "حمد الله ع السلامه يا افانديا"
ليسدل الستار عن فصل من فصول المسرحيه

لكن اكثر ما استفاد منه المشاهد كان درس الشيخ الشعراوي في راديو الميكروباص !!




هناك تعليقان (2):