الأحد، 16 ديسمبر 2012

الطريق الى ......




عاد كعادته من صلاة الفجر في الزاوية الصغيرة المقابلة للمنزل القديم
رغم ان المدعو "الشيخ محمد"  لا يفقه شيئا في الدين سوى امتلاكه للعقار اعلى الزاوية  , الا انه امّ المصلين الاربعة كالعادة
قرأ فاتحة الكتاب بصعوبة بالغه خالية من اي تشكيل او معالم للعربية الفصحى
أصرّ على تلاوة نفس الايه من سورة "البقرة" التي لا يحفظها و يصححها له المصلون
قبل ان يكملها الشيخ محمد تذكر العجوز ان بعدها يأتي قوله تعالى "و بشر الصابرين"
ابتسم ابتسامة رضاء الصابرين
فقد عاش حياة تحسب انها سلسله من الصبر
دخل البيت المتهالك يختبئ من الأمطار الغزيرة كعادة هذه الايام من العام
لكن يبدو ان عوامل الزمن انسته ارتداء الثقيل من الملابس
ارتدي التلفيحة على الجلباب القديم فوق السروال المبلل بمياه الامطار
وفي قدميه الحذاء البلاستيكي ذو الرقبة الطويلة المدعو "كوزلوك"
صبّح على أم العيال (اللي مبقوش عيال) و انصرف
يتفادي مياه الامطار التي غمرت مدخل المنزل و اختلطت بمياه المجاري المسدودة دائما
اذابت الامطار كوم القمامة التي لم ترفع منذ شهر كالعادة فاصبحت هي و رمال الشارع جزء لا يتجزأ
وصل لمكانه اليومي في طابور العيش
القى السلام على رفقاء الدرب و كفاح الطابور
الكل يعرف دوره فلا يسبق احد الاخر
الشمس لم تشرق بعد
صاحب الفرن مازال نائما بعد ان باع نصف حصة الدقيق في نص الليل
بدأ العجائز (سنا و قلبا) في الكلام عن زمان و ايام زمان
تحول الحديث اجباريا من زمان للحاضر
فرض حديث الساعة سيطرته على الجميع فتعالت الاصوات
"شخط" البعض في العامل عشان يخلص بسرعة عشان يلحقو طابور الاستفتاء
الكل يريد ان يسرع في حجز مكان في الطابور الاخر ليضمن الجنة قبل صلاة الظهر
مش كفاية خسرانين الدنيا و كمان عايزنا نخسر الاخرة !!!!
في زمن قياسي يقدر بساعتين حصل على نصيبه اليومي من الخبز المدعم
في طريق العودة مخبئا الخبز من مياه المزاريب اعترضه "تامر" الشاب المتعلم المثقف
نزع تامر سماعات الاي بود من اذنيه و اوقف الموسيقى
القى السلام على غير العادة على العجوز الغير مرغوب فيه
ثلاثون دقيقه هي كانت كدة المحاضرة التي القاها تامر عن تأثير الفاشية الدينية و البرجوازية المتوقعه و انفراد فصيل سياسي واحد   بالحكم و التشريع و مدى تأثر الطبقات الكادحة الوسطى و السفلى على المدى القصير و البعيد مع الاثار السلبية على البورصة و سوق الاموال و الاسهم و السندات الحكومية و غير الحكومية و السعر العالمي للجنيه امام الدولار (الذي لم يره العجوز قط) 
   
مع استخدام بعض المصطلحات الانجليزية و مرادفات اصعب
انصرف تامر ليكتب "تويت" من "البلاك بيري" انه استطاع في اقناع احد 'الجهلة" ليصوّت ب "لا"
و ان الشعب يستجيب و النتيجة في صالحنا لا محالة
مضى العجوز في طريقه للمنزل ثم اخذ دوره في طابور يرى هو ان في اخره الجنة بعلامة داخل الدائرة "الخضراء"







الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

ملامح



سالكاً نفس الطريق يوماً بعد يوم

ربع قرن من الزمن تغبر فيها الكثير من المعالم و الوجوه
يشعر بالوحشة مع كل يوم يمضي
يتأمل كل الاشياء القديمة في مكانها مع تغير الملامح
لم يعد الحال كما كان عليه
فقد لذة العبور أمام محل الحلوى الصغير
لم يلق السلام على بائع الفول العجوز
اهمل شيخ الزاوية الذي استوحش مظهره

يشعر بتغير قد طرأ على كل التفاصيل , كل الاشخاص , كل الاماكن

لم يعد يعرف منحنيات و مطبات الشارع التي شهدت تعثرات الطفولة

كأنه غريبا في المدينة أو عابر سبيل

الباب الخشبي لم يعد كما كان

هل قل عدد السلالم او اختفت في طي التاريخ
يخرج مفتاحه الصدئ القديم
يحاول الاختباء في دفء حضن المنزل

جنباته و أركانه لم تعد كما هى
تغيرت اشكال الاركان و مخابئ الطفولة

بعد نفس طويل يخرج الزفير ببطء متناهى خالعا نظارته الشمسية
ناظراً للمراه المجاورة للباب
يقارن ما يراه في المراه بصورة الطفل في البرواز الصغير المجاور لها

الان فقط عرف ما الذي تغير






الأربعاء، 20 يونيو 2012

ركن اجباري



دوناً عن الأطفال ظل وحيدا مع كرته في ذلك الركن

ظن الجميع أنَه يحبه و يفضله

رغم سعة الملعب للجميع لم يسعه

يتقاسم الأطفال كرة واحده وهو متابع من ركنه وحيدا

لن تعرف إن كان لاحظ أحداَ ما وجوده أم لا

هل التفت طفل له أم تعمد الجميع لفظه

لم يشفع له التزامه بزي اللعب كاملا

ظل لبسه جديدا لم يتسخ بتراب الملعب

ظل وحيدا متابعا لكل لحظات المباراة

تارة ينفعل و مرة يبتسم و اخرى يحتفل بالهدف و لكن لم تفارق لمعة دموعه عينيه

مستندا على كرته احيانا او جالسا عليها كثيرا

يداعبها قليلا رغم قلة مهارته علّها تطاوعه او تلهيه قليلا

مثلت كرته  التسليه التي لم يعرفها و الرفيق الذي لم يجده

لم يتخيل ان يدعوه الجميع للعب ذلك اليوم

رسمت الدعوة على قلبه ضحكة رجّت اصواتها الحي

تشارك الجميع اللعب بكرته وهو معهم

 لم يكن الاخرون اكثر مهارة منه

عاش ليلة لم يفرق بينها و بين الصباح التالي نوما

انتظار يوم اللعب التالي صار شوقا و حنين

حلم باحراز الهدف كثيراّ و ها قد جاءت اللحظة

لم يلاحظ احد وجوده ثانية , لم يلق احد السلام , لم يرد احد التحية

عاد لركنه مع كرته وحيدين

فقد حصل الاطفال على كرة جديدة

و ظل الهدف مع الطفل في ركنه

الخميس، 26 أبريل 2012

مسرحية



كعادة كل صباح –حيث ان كل شئ اصبح عادة – وقف وسط الجموع منتظراً المشروع (الميكروباص باللهجه
 السكندريه) لينقله لمكان العمل

نفس الوجوه تستعد لرحلة الصراع من أجل البقاء
البقاء في هذه النقطه تمثل في مكان صغير في المشروع المتكدس بالنصف نيام من البشر

لاح احدهم في الافق و اقترب ليركض الناس نحوه ثم تحول الركوض لخلفه

بعد صراع مع اللكمات و الصدمات و جد نفسه داخل الهدف
جلس في المقعد الخلفي مهندما ملابسه بعد المعركة المعتادة

كان مكانه استراتيجياً لمشاهدة باقي معركة البقاء حتى اكتمل العدد
امتلأ عن أخره دون ان يستخدم السائق الدواسه التي تقع في الوسط و تدعى فرامل

رغم المعكرة لم يلم احد الاخر , هذا كان يوجه اللكمات لهذا و ذاك يوخذ الاخر في جنبه و الان يتعاونان في "لم الأجره"

 اخد الكل مكانه في المسرح و اكتفى هو بدور الجمهور

كيف تحوٌُل وجه هذا الشاب العابس لترتسم على شفتيه الابتسامة و بعد ان كان الأسد في المعركة اصبح صوته رومانسي خافت بمجرد تلقيه مكالمه ازعم انها من خطيبته لوجود الدبلة الدهب في يده اليمنى التي ارتسم فيها ايضا وشم الصليب
بجواره الشيخ العاكف على قراة الورد اليومي من القران الكريم , ماسكا المصحف بيد و الاخرى ممسكة بظهر الكرسي المجاور له باسطاً ذراعه لاستحالة وجود مكان له في محيط جسده السمين
لم يهتم أو لم يلحظ ان ذراعه يزعج هذه المرأه التي بدورها لم تلومه او تنبهه لإنشغالها بهمومها فها هي شاردة تغرغرت عيناها بالدموع .. هي أعلم بهمومها و خالقها اعلم بجلاء الهموم

ارتفاع صوت القارئ لم يمنع هذان الشابان من سماع الأغاني الشعبيه في التليفون الصيني الردئ اللي صاحبه عمل جمعيه عشان يجيبه فلازم يدوش الناس بيه

لم يكن متأكد المشاهد من كلمات الأغنيه لكن ما كان متاكد منه انها (الاغاني) شوشت على تفكير هذا الشاب ذو النظارات العريضه المنكب على قراءة  أوراق باللغه الاجنبيه فهو في طريقه للامتحان في كلية الطب في الجامعه الخاصة اللي ابوه شغال ليل نهار عشان يجيب مصاريفها

حاول التركيز عدة مرات لكن استوقفت عينيه تصرفات هذا الصبي الجالس أمامه يحاول تظبيط "المزّه"  اللي جنبه
نظر له بقرف و اشمئزاز و حاول التركيز تارة اخرى لكن فضوله اخذ نظراته تجاه المزّه التي ارتدت ثلاثة او أربعة طرح صانعة جبل فوق رأسها , من الاكيد انها الوحيدة الكاملة الاستيقاظ
لأن وضع هذه الكميه من الالوان و مساحيق التجميل (المفروض انها للتجميل في أوروبا و الدول المتقدمه)  يحتاج الى اكثر من ساعه امام المراه التي لم ترقى لتكن كمراة قصة سنووايت لا تعرف الكذب .
بالاضافه ان هذا البنطلون "السكيني" يحتاج وقت طويل عشان يدخل في الرجلين دي

لم يفهم هل كانت نظرات اعجاب أم كنظرات هذه الفتاه المختمرة التي اخذت تتمتم بكلمات الاستغفار كلما وقعت عيناها عليها رغم عن انفها لأنها تحاول عدم استنشاق كل دخان سيجارة السائق و هو الوحيد المسموح له بالتدخين رغم وجود لافته "ممنوع التدخين"

لصق اللافته عن عمد أم لا لن تعرف لأنها واحده من كثير ملصقات الحزب السياسي الديني الحائز على اغلبية البرلمان
لم تنهه اللافته عن التدخين كما لم ينهه ملصق" حق الطريق" عن السير عكس الاتجاه متعللا ان المطب اللي في السكه الطبيعيه حيكسر العفشه و دي عربية أكل عيش

على فكره السائق قرر ان الاجره زادت النهارده الصبح و اللي مش عاجبه ينزل يمشي او يركب اتوبيس الحكومه - لكن هذا ليس مجال للحديث عن العادات اليوميه-

بعد الكثير من المطبات و العديد من "على جنب يسطى" او على ايدك يا باشمهندس

صاح الباشمهندس "حمد الله ع السلامه يا افانديا"
ليسدل الستار عن فصل من فصول المسرحيه

لكن اكثر ما استفاد منه المشاهد كان درس الشيخ الشعراوي في راديو الميكروباص !!




الأربعاء، 18 أبريل 2012

العابر




وسط  ضوضاء مزعجة صعب ان تميز فيها صوت
كركرة الشيشة تداخلت في صوت التلفاز
ذاب صوت الشباب المتشاحن في صوت تقليب السكر في الشاى

هؤلاء يتحدثون في السياسة و اخرون في الكرة
هذا يشتكي همه لصاحبه الذي يرد بسخرية و استهزاء

تسلل هذا الطفل املا ان يبيع ما يحويه صندوقه الصغير
يطوف على الناس باسطاً يده المتسخة بكيس مناديل اكبر منها
لم يكن وجهه افضل حالا من يديه ولا ملابسه

لكن في عينيه نظرة و لمعة بنظافة البراءه
يتمتم بكلمات سريعة يحفظها و ملَ من ترديدها
يصعب عليك تفسير الكلمات و لا تكاد تميّزها

لم يكن مرحبا به و لم يستقبله احد بابتسامه تناسب نظرته
لأن احد لم يلحظها الا من رحم ربي

قرر الرحيل في اسى و حسرة ليعود بخفي حنين
لم تدم زيارته طويلا ... فمن الواضح انه اعتاد الخذلان

تبخر الطفل الحافي مع أول منحنى من منحنيات الشارع الطويل

إلتفت مرة اخرى لصديقي قائلا "تفتكر الحاجة نوال امريكانيه ولا مصريه ؟؟ "

يوم المباراة




يوم تحتاج فيه لواسطة لتجد كرسي على القهوة
الجميع متكدس لمشاهدة المباراة الاوروبية الكبيرة
قطعت المباراة الاحاديث السياسية الساخنة

ظلت شلة العواجيز منخرطة في دور الطاولة اليومي
في ظل هذه الحشود لم يتحرك لأحد منهم ساكنا لمتابعة المباراة
لم يهتم احد منهم حتى بالنتيجة

القهوجي يهلل مع اي هجمة لأي فريق
انتابني الشك في انه يعرف هوية الفريقين
تتعالى الاصوات و الصرخات من الشباب المتحمس

وصلت لحد التراشق بالالفاظ مزحاَ تارة و تارة جد
مازال العواجبز لا يلقو بالا  لأحد  ولا لشئ
فقط زهرة الطاوله و الشيشه و الدخان

انتهت المباراة سريعا ففرح من فرح و حزن الاخرون
 امتلأت جيوب القهوجي بغلّة اليوم
اقترب الليل على الانتصاف
مازالت شلّة العواجيز في نفس الركن
لم ينتهى دور الطاولة بعد


الاثنين، 2 أبريل 2012

بائع الحلوى


تضرب قدماه الصغيرتان الأرض بقوة
تتسع خطوته شيئا فشيئا
حرارة الجو تكاد تذيب رأسه الضعيف
كفه الاسمر يشد الخناق على بضعة قروش
ينام كل ليلة حالما بهذه اللحظه التي يزور فيها بائع الحلوى
هو لا يملك الا مصروفه الزهيد
خلال لحظات سيفقد حتى هذه القروش  وسيمتلك ابتسامته و فقط
لم تكن الحلوى فاخرة

ها هو الان تضرب قدماه نفس الارض بقوة اكبر
خطواته واسعه عن غير عمد
اوسع مما كان يتمناه الطفل
نفس الطرق لم يتغير
بائع الحلوى مازال هنا
مر أمامه كمر السحاب
لم يلق حتى السلام بل لم يلتفت
كان لم لكن بينهم ايام حب و غرام

يخرج من جيبه قطعة شيكولاته مستورده محشورة وسط مئات الجنيهات و الهاتف ذو الالاف
تدخل الى فمه لكنها لم  تعبر على شفتيه
شفتاه كما هما لم يرتسم عليهما الابتسامة

مر سريعا تاركا الطفل مبتسما امام بائع الحلوى 

شجرة الميلاد



منذ تفحت عيناه على الدنيا و هي تقف شامخة و سط حديقة المنزل
لم تكن شجرة الميلاد كباقي شجر الحديقة الصغيرة
دائما ما كانت عائقا أمام لعب مباراة كرة
توسطت المكان و فرضت سطوة خاصة عليه
يومياً تزداد هيبة و شموخاً
علت حتى تعدت ارتفاع المنزل
 مثلت له تحد و طموح كبير
قمتها هي السماء السابعه في خياله الصغير
عالية وسط الاشجار كالأم الحانية
نبت حولها ثمار الرمان و الورود المبهجة
رائحة شجر الياسمين هى عطر المكان و للجميع
اهم معالم طريق المدرسه ذهابا و ايابا
يراها يوميا كجدران المكان
حتى عاد يوما يجد المنزل عاريا
اختفت رمز الشموخ
لم يتبق سوى اثار فأس الفلاح على الارض
انقطعت رائحة الياسمين منذ ذلك اليوم ولم يتذوق طعم الرمان
نظرت الورود للأرض احتراما او حزنا على فراق
كبر الطفل و لم تكبر الشجرة
مرت الايام و السنوات فاعتاد على الفراق
لكنه لم يكمل مباراة الكرة حتى الان


الأحد، 18 مارس 2012

رفيق



قال الله تعالى " لو أنزلنا هذا القران على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله"

تحمل رسول الله ما لايحمله الجبل من تلقي كلام الله , فكان أول ما فعله ان جرى الى حضن زوجته دثريني دثريني
ثم كان ابو بكر رفيقا لدرب نبي الله لسنين عديده


وهذا موسى يتلقى قول ربه "انني انا الله لا اله الا انا" فكان الكلام مباشرا من الله لعبده بلا وحي فألقى عليه قولا ثقيلا بثقل و عظمة الموقف  "اذهب الى فرعون انه طغى"

ما طلب موسى من ربه الا "واجعل لي وزيرا من اهلي"  اختار رسول الله موسى رفيقا للدرب فكان هارون هو سؤله

أولو العزم من الرسل الاشد من الجبال في تلقيهم للرسالات طالبو الله و هرعو الى رفيق للدرب ليعينهم في الحياة

أولم يكن الله قادرا على حماية رسوله في رحلة الهجرة بلا انيس ولا رفيق ؟!

لكن هذا نظام الكون لا يعيش الانسان وحيدا
لن تكون ابدا واحد احد لأن هذه الصفه تفرد بها الله و استأثرها لنفسه بلا صاحب ولا صاحبة ولا ولد
لم ينعم الله و لم يهب احد من رسله صفة الوحدانيه فكان لهم الرفيق

خلق الله الانسان يأكل و يشرب و يرافق كجزء لا يتجزأ من الحياة و النظام الكوني
سواء كانت الرفقه في صورة صديق او زوجة او عائله لكنك لن تعيش وحيدا ابدا

يا من تريد العزله ... لن تقدر على الحياة
فلست افضل من رسل الله الذين استجابو للطبيعه الكونيه

فان كان رفيقك في طاعة الله فينطبق عليك قول محمد لصاحبه ما بالك بأثنين الله ثالثهما ... "اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا"

او كما قال رب السموات و الارض لموسى و هارون "لا تخافا انني معكما اسمع و ارى"



انت و رفيقك في طاعة الله فأنتما في معية الله

ومن كان الله معه فمن عليه , و من كان الله عليه فمن معه ؟!

الجمعة، 2 مارس 2012

افكار



كان كوب الشاي هو الشيئ الوحدي الساخن في ليله من ليالي الشتاء الباردة
برودة الجو امتزجت ببرودة الاحاسيس و الأعصاب لتكوّن الحالة العامة للحياة
وضع الشاي الذي بدأ يفقد سخونته سريعاً
أول رشفه , طبعت على لسانه حرقاً قد لا يذوب سريعاً
يكاد البرد يجمد أطرافه فيفرك يديه باحثا عن الدفء الغائب
ما أطولك يا ليل الشتاء
سحب كرسي المكتب المتحجر مكانه منذ سنوات
اخد ينفض الغبار الذي يواري السنين
أخرج من الدرج كشكول قديم لتدوين أفكاره المتراكمة
يبحث عن صفحة خاليه فقد امتلأت الصفحات بأفكار التاريخ
هنا جزء من أغنيه نسى كلماتها , هناك رسم غير مفهوم أو اسم محبوبه قديمة لم يعد يتذكر شكلها
سند يديه على زجاج المكتب البارد
تحسس كوب الشاي كي لا يحرقه ثانية
أخرج قلمة كاتبا "البسملة"
الاف الأفكار تذهب و تجئ في رأسه

اين البداية و الى اين المسير

يطوي كشكوله و يرمي القلم

عجز القلم عن تجسيد افكاره


السبت، 25 فبراير 2012

لحظة حقيقة


جاء من بعيد يبحث عن متكأ يسند إاليه ظهره الضعيف
يبحث عن الراحة بعد رحلة تبدو طويلة و صعبة
ملامح الفقر واضحة  على ملابسه الغير مهندمة
وقعت عيناه لجواري فهناك مكان صغير للجلوس و سط الزحام الشديد
تتعالى و تتخافت الأصوات مرتلة القران و دعاء و صلاة على خير الخلق في جوار رسول الله و حضرته

وضع نعله الردئ و جلس مستنداً للعامود الذي يسند ظهري 
تبسم قائلاً "سلام أليكم"  لم تكن واضحة , لم يتلفظ بحرف "العين" مع صعوبة بالغه في تجميع الجملة
ابتسامته الصافيه تقول الكثير , اكثر من السلام عليكم

اخرج  من طيات جلبابه كتيب مكتوب عليه بلغة بدت لي رسومات غير مفهومة او شفرة من شفرات المخابرات
لم انتبه لما يفعل و لم اهتم في بداية الامر , ولكن ما سمعته اجبرني على اغلاق كتاب الله لمتابعته

بصعوبة و في مشقة بعد تركيز طويل تتحرك شفتاه لنطق الكلمات
يتلعثم في الحروف التي تبدو له متشابهه
رحلت عيني لما يقرأه ... "القران الكريم" بالعربيه مع ترجمة  للغة غير مفهومة
ما يقرب من الساعة بعد الاستعانه بصديق استطاع اخيرا  ان يقرأ سورة "الناس"
منعني و منعه صوت الأذان من استكمال المشهد
لم اسمع ما قاله المؤذن بعد "الله اكبر الله اكبر" و لم أردد بعده الاذان
سرحت مع ابتسامة تواري الكثير 
امتزجت ابتسامة سعادتي لما رأيت من الرجل  الذي يثبت اية "إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون" مع ابتسامة السخرية على حالي لأنني الان فقط عرفت انني من نزل فيّ أية " ان قومي اتخذو هذا القران مهجورا" 

لم أدري من قبل بقيمة  "إنا انزلناه قرانا عربيا" 
الان فهمت لمن قال رسول الله  " الذي يقرأ القران و يتعتع فيه و هو شاق عليه له اجران "
بكيت على حالي و انا لا اذهب حتى للأجر الواحد
انقضت الصلاة و ذهب الرجل من حيث اتى

مر من هنا  ليكشف عورتي أمام مراة نفسي

وفقه الله و هنيئا له الاجران 

السبت، 11 فبراير 2012

إلى أين !



اخد يبحث عن مكان خالي على الرصيف الذي اكتظ بالباعه
لم يأبه ولا اهتم أنه غير نظيف
جلس .. ضم رجليه متكئاً بيديه على فخذيه
تلفت يمينا و يسارا , اختلفت معالم الشارع و تغيرت
عشر سنوات مرت منذ الرحيل
لم يبقى سوى هذا الكشك القديم من ملامح الماضي
اختفى مدخل العماره و تشوهت معالمه
لكن مازالت رائحة المكان و التاريخ في أنفه لا تتغير
سرح لفتره لا يدري ان كانت طويلة أم لا
مر جزء من الزمن متأملا هذا الطفل يلهو في مدخل العمارة وحيدا بالكرة مرتديا زي الأهلي الذي يعشقه.... منذ متى ؟..لا يعلم
في الخلفية بنات العائله يغنين و يلعبن فرحين
وحيدا لكن على وجهه علامات السعاده , كان و مازال مجرد ارتدائه الفانله الحمرا يدخل عليه السرور
لا يهتم لصعوبات الحياة ولا يفهمها
أفيق على صوت بكاء هذا الطفل في الشرفه
لا يعرف سبب البكاء
هل اشتاق لأبيه و بيته ام باكياً لعقاب أمه غلى خطأ ما
لو يعلم ما هو عقاب الأم مقارنة بعقاب الحياة ما بكا للحظة

رمشت عيناه ليختفي الطفل الباكي و اللاعب
أبواب الشرفه مغلقه عليها ملامح التاريخ و عبق الماضي و اثر السنين
بهو العمارة خال
ذهب الطفل الى اين !

فرد رجليه و هب واقفا
ارتدي نظاراته الشمسيه رغم عدم وجود الشمس ليواري عينيه عن الناس

اختفى هو الاخر ... الى أين !

الاثنين، 30 يناير 2012

تسلل



اتكأ على الكرسي البلاستيكي الغير مريح وسط أدخنة السجائر و أصوات تتعالى " جووووون يابن اللاعيبه يا ميسي" و " يا بان الكلب يا محظوظ ده انا حطلع **** أمك"  و " ما تباسي يا عم ده انت عيل خره"
رمى هم يوم طويل ممل في العمل و المواصلات الرتيبة الغير مريحة وراء ظهره  صائحا " يا صالح هاتلنا دراعين وايرليس"
طلع الموبايلات من جيبه تأكد ان مفيش شبكه و رماهم على الترابيزه , فتح كان البيبسي  المثلج غير مهتم ببرودة الجو فهو كالمدمن الذي وجد الجرعه
زق الكرسي لورا و مدد رجليه و قال لصاحبه "عايز تشيل كام "
رد عليه بابتسامة الواثق " اخلص عايز تلعب بمين يا نمرة"

لو اطلعت عليه و هو بيعمل الخطه تقولش صلاح الدين و حيحرر الأقصا  .. "ميسي" يمين , "بيدرو" شمال , محتار بين " ابيدال" و "ماكسويل"
" اخلص يابا خلينا نلعبلنا ماتشين مش ناقصاك انت حتخترع" قالها صديقه بصوت واطي مكتئب و نظرة قرف معتادة
حرك يديه ليزيح ادخنة السجائر المتصاعده  حوله ليقول لصاحبه " قرفتنا بأم السجاير دي "  و كان الرد " طيب البس الجون الاول اهو"
بص للدراع و لعب في الزراير شويه قال يعني بيجرب الدراع
يمرر الكرة يمينا و يسارا منهمكا مضطربا و يتمتم بكلمات لا نطق لها و تعبيرات تدل على الضيق
خبطه على الفخد و أخرى على الرأس متبوعة بشتيمه أو لفظ خارج ممكن لميسي و ممكن لصاحبه
يفتح قايمة الخطة يلعب فيها شوية
يستقبل الهدف الثاني و هو مازال يلوم الحظ و حارس مرماه
"أبو ام كده يا شيخ , حظ عوالم " –صاح في صديقه الذي رد " انت اللي مش مستحمي "
يستلم الكرة .. وان تو .. باس .. شوط ... جوووووووووووووون
"ايوا بأه " شخط خابطا الشاشه بعنف ليفاجا بصاحب المكان  يقوله "واحدة واحدة يا استاذ مش كده "
يمر الوقت و هو خاسرا , يلوم الحظ تارة و الدراع مرة و الدخان و الدوشه و لا يلوم نفسه ابدا
تمريره رائعه من "تشافي" ينفرد ميسي بالمرمى يضعها على يسار الحارس ...جووووون
هدف التعادل اخيرا
يقوم يتراقص فرحا " جووون يا بن المحظوظه ههههههه"
في اللحظات الاخيره يعود للمباراة , امسح و اكتب ممن جديد
فرصة الفوز رجعت و اكيد مش حيضيعها
ينط في الهوا و يشرب بق بيبسي من اللي نسيها طول الماتش رغم ادمانه لها
ينظر ليشاهد اعادة الهدف
ميسي ينظر يمينا و يسارا , يمسك راسه
الصورة على مساعد الحكم رافعا الرايه ...................... تسلل 

أوطانك



صحيت النهارده و خير اللهم اجعله خير في دماغي سؤال من نوعية "البيضة الأول ولا الفرخه" و " الانسان مسير ولا مخير"
لكن طبعا بما اني ابن ناس و تعليمي اجنبي السؤال كان بالانجليزي "وات ايز هوم ؟" 
What is a home??
سؤال سهل , مش سهل أوي , عايز تفكير بس , لأ صعب على فكرة , أيه ده ده مستحيل بقى !!
سرحت بخيالي قليلا متأملا سؤالي فعاد الي الخيال كما قال تعالى عن البصر "خاسئا و هو حسير"
هووم في اللغه العربية يعني وطن .... معروفه و سهلة اهو , تعالا بأه نشوف ده إسمه إيه بموضوعية من غير إنفعالات ولا تشنجات
التعريف العلمي للوطن هو المكان اللي بتسكن فيه او محل الولادة أو زي ما بتقول الاغنيه يعني ايه كلمة وطن يعني أرض حدود مكان .. ولا حالة من الشجن
انا بقى مسكت في الكلمة الاخيره دي ... حالة من الشجن
لأن من الاخر كل واحد منا يختار وطنه باختلاف الزمان و المكان و الحالة المزاجيه , المهم انه لما يفكر فيه تجيله حالة الشجن المذكوره سالفا
دائما وطننا بعيد عنا لو مولود في مكان و عايش في مكان تاني حتحس ان مسقط رأسك هو وطنك و لو روحته حتحس ان بيتك هو وطنك
ما احنا كده شعب فقري نموت في العياط و الدموع و الحنين , هي عادة و لا حنشتريها
اوقات تشعر بأن مصر هي وطنك (لو بره البلد) و اوقات امك تكون وطن , محبوبتك وطن , سريرك وطن, سجودك بين يدي الله وطن , وحدتك وطن , ماضيك وطن , ذكرياتك وطن, انت في نفسك وطن لنفسك .... المهم ان يكون بعيد عنك و تحن اليه

انت من يختار الوطن بتوجيه من الظروف و أحوال المعيشة و في الاخر مش حتوصل لتعريف علمي او منطقي لاختيارك
فقط ستشعر به فقط  ينتابك شعور الحنين أليه و تسرح و تدمع و متعرفش توصله لأن الوطن لا يمتلك
فالوطن ليس مكان , الوطن حاله

الخميس، 26 يناير 2012

من صنع الفاروق ؟


"وليت عليكم و لست بخيركم"

هكذا كانت بداية الحياة بعد انقطاع الوحي و نهاية الرسالات السماويه بموت رسول الله
بدأ خليفة رسول الله كلامه مقدرا عظمة شعبه فكان حاكما عظيما

أدى ابو بكر امانته لعمر بعد عام هو الاخطر على الاطلاق
لم يكن ابو بكر الافضل اداريا ولا حربيا ولا سياسا و لكنه هو من قال عنه الرسول الكريم "لو وضع ايمان الأمة في كفة و أيمان ابو بكر في كفة , لرجحت كفة ابو بكر" .. فكان الافضل لتثبيت قلوب الناس على دين الله بعد رحيل رسوله الكريم
 فاستحق ان يكون رجل المرحلة و تجسد ذلك في مقولته الشهيره "من كان يعبد محمد فان محمد قد مات و من كان يعبد الله فان  الله حي لا يموت"

سلم ابو بكر الامة لأعظم حاكم في التاريخ , كانت فترة عمر هى الأزهى على الاطلاق

استمد الفاروق عظمته من عظمة شعبه , عكس عمر طبيعة مجتمعه فتجسدت فيه صفات الحاكم العادل

فانظر لهذا الرجل الذي عزل عمر عن منصبه قائلا "لا سمع لك ولا طاعة" ردا على  كلمة الفاروق "ايها الناس اسمعو و اطيعو" , لماذا لا سمع لعمر ولا طاعه ؟! لأن عمر حدد لكل فرد نصيب من القماش و كان جسم عمر ضخما اكبر من "كوتة" القماش , فأبا الرجل ان يحكمه عمر حى يبين للناس من أين له هذا ! , فطلب عمر من ابنه عبد الله ان يشرح للرجل فقال عبدالله "انني اعطيت ابي نصيبي ليصنع ثوبا " , فيسمح الرجل لعمر ان يكمل خطبته

شعب كهذا لا يضيع , و كيف يضيع و فيه امراة تدعو على امير المؤمنين "الله الله في عمر" فهى لا تجد فوتها فلما سألها عمر – و هي لا تعرف انه هو عمر- "و ما ادراه بحالك" , فقالت "ايتولى امرنا و يغفل عنا"

مواقف رعية عمر هي التي صنعته بجانب صداقته لرسول الله

فكانت علاقته بشعبه افقيه , فأكل "الزيت و الخبز" لمدة عام حتى اسود وجهه , كان يلبس ثوبا مرقعا و ينام تحت الشجره و هو حاكم دولة المسلمين

اذا اردنا حاكم مثل عمر فلنكن كبنت بائعة اللبن التي قالت لأمها "ان كان عمر لا يرانا  فإن الله يرانا"


شعب يتقي الله ولا يخاف احدا حتى عمر نفسه , فلما سأل الناس ماذا ان ملت برأسي للدنيا هكذا , فشهر احدهم سيفه مشيرا بقطع رأس امير المؤمنين "كنا لك بسوفنا هكذا" فيحمد الفاروق الله انه هناك من المسلمين من يقوم عمر بحد السيف

شعب كهذا افرز حاكم بقيمته, اسمه الفاروق عمر بن الخطاب ليكونا معا "خير أمة اخرجت للناس"
حتى على فراش الموت يقول "كدت اهلك لولا ان لي رب رحيم" و هو الذي مات شهيدا في مدينة رسول الله كما سأل

هذا عمر ... فأين نحن من شعب عمر ..... ليرحمنا الله كما رحم عمر و شعبه




الخميس، 19 يناير 2012

بلا عنوان



يشد الباب أليه بقوة , يدخل مسرعا ليرتمي في احضان الدفء و كأن برودة الجو عدو يجري منه الى أي ملجا حتى ان كان مكان العمل الرتيب
ما زالت غرفته مظلمه و فيها وحيدا –لأن مديره في رحلة العمل لم يأت بعد- , يرمي سترته على ظهر الكرسي المواجه للمكتب
يرتمي على كرسيه الغير مريح في انتظار وصولها , هي فقط التي ممكن تحسن من حالته و تخرجه من جموده و لو مؤقتا
يلقي بسلسلة مفاتيحه و تليفوناته بقوه على زجاج المكتب غير مكترثا ان حطم احدهما الاخر فلا هو طايق المكتب و لا ينتظر مكالمه مهمة , فقد مل المكالمات التي تصله ولا يريد الرد عليها
يرفع رأسه ليتأكد ان كانت جاءت ام لا ... لا لم تات بعد , متأخره على غير العاده و دائما ما تصل قبله و تكون في انتظاره
تذهب يده بلا تردد لتشغيل جهاز الكمبيوتر ليدخل لعالمه الافتراضي الذي اصبح ونيسه الوحيد في وحدة العمل و وحدة الطريق الطويل ووحدة المنزل ووحدة الصحبة , هذا العالم الذي يرسم فيه خياله

ها هي قد لاحت في الافق , يلمحا بطرف عينه قادمة تتمايل من بعيد , يهفو قلبه اليها فيتبسم ابتسامه تواري الامه
يتنهد و يقول في سره "اخيرا"
يقوم لإستقبالها في شغف يمد يده ليلمسها , لم ينس هذا الملمس من اليوم الذي مضي حين كان اخر لقاء
في انتظار هذه اللحظه ليصل الدفء ليديه الباردتين ببرودة الجو في الخارج
ينظر اليها بابتسامة شوق و حنين , ها هي رائحتها في المكان كله
يغمض عينيه ليستمتع بالرائحه التي في انفه دائما منذ اول لقاء , يقترب منها اكثر ليدنو من الرائحة الزكية , بلا تردد تقترب شفايفه منها و هي في قمة  الاستسلام , لا تحاول حتى ان تبعده عنها و كانها في نفس الشوق
يكاد يلمسها ليطبع القبله الاولى و هي فاتحة ذراعيها
تلمس أطراف شفايفه أطرف شفايفها و هي بين يديه مسلمة أمرها لا يكترثا ان يراهما احد فهما لا يخافا من الحب
مع اول لمسه للشفتين نتابه شعور غريب .. ليس هذا هو الملمس المعتاد عليه .. يفتح عينيه و ينتفض .. ينظر اليها و يصيح

"يا عماااد هو البن ده بايظ ولا ايه؟  تعالى يا عم شيل القهوه دي من هنا .. قليتو مزاجنا الله يعكنن عليكو"
ليسمع صوت من جهاز الكمبيوتر و رساله من مديره تدفعه للانخراط في العمل الرتيب  وحيدا